القرآن الكريم
نزل على سيدنا محمد (صلى الله عليه و سلم) وكان جبريل عليه السلام يقرأ على النبي
والنبي (صلى الله عليه و سلم) يردد وراء ملك وحى السماء جبريل عليه السلام.
وجد النبي (صلى الله عليه و سلم) أن القرآن الكريم يحتوى على طرب وجداني
من خلال الإعجاز الذي يفوق قدرة البشر فأمر الصحابة الكرام
أن يحسنوا أصواتهم بالقرآن وأن يتغنوا بتلاوته، مع الحرص الشديد على الالتزام
بأصول القراءة الصحيحةالتزاماً تاماً.
وورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع
أبا موسى الأشعري يتلو القرآن بصوت حسن ويتغنى به
فقال عمر لمن حوله: من استطاع أن يتغنى بالقرآن غناء أبى موسى فليفعل.
وكان الرسول (صلى الله عليه و سلم) يحب أن يسمع القرآن من
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود لجمال صوته وعذوبته والتزامه بقواعد التلاوة الصحيحة،
فقال له ذات يوم: ((يا ابن مسعود اقرأ على القرآن))، قال يا رسول الله: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟!
قال (صلى الله عليه و سلم): ((إني أحب أن أسمعه من غيري))
فتلا عليه ابن مسعود سورة النساء حتى وصل إلى
قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا} [النساء:41] .
فبكى رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بكاءاً شديداً لأنه المقصود بهذه الآية.
فالقرآن جميل يزيد من جماله تلاوته بصـوت حسن،
وليس المقصود بالتغني بالقرآن أن يخرج القارىء عن القواعد الأساسية في تلاوة القرآن،
وأن يقرأ حسب هوى صوته وإرضاءاً لبعض الناس،
ولكن للتغني بالقرآن أحكام وضوابط فالممدود لها درجات والوصل له حكمه و للوقوف حكمه،
وكذلك الترقيق والتفخيم.
وقد وضع علماء القراءات ضوابط وقواعد ملزمه
لمن أراد أن يقرأ القرآن بطريقه صحيحة، فالألحان والمقامات الموسيقية
كالصبا و السيكا و النهاوند والرصد والبياني وغيرها لا تخرج اللفظ عن وضعه الطبيعي،
فهي ألحان خالية من الإيقاع تسمى الألحان المرسلة.
ووضعت هذه القواعد حتى لا يخرج القارىء عن المنهج القويم
وحتى لا يبتعد بألفاظ القرآن عن صيغتها السليمة بإدخال حركات زائدة تغير معنى الكلمة،
أو إخراج حركات تؤثر على معنى كلمة أخرى..
فللقرآن موسيقاه الداخلية و ضوابطة المتقنة الدقيقة
وله أصول أوضحها علماء القراءات،
وهذا سر الإعجاز الذي لا يستطيع الإنس ولا الجن أن يأتوا أبدأ،
ولو كان بعضهم لبعض ظهير.
ولجمال القرآن انبهر الجن لما سمعوه
{فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا {1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}[الجن:1،2]
ومن المعروف أن المسلمين في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) –
عهد نزول القرآن – قرأوه حسب لهجاتهم المتعددة وأفصح اللهجات السبع لهجة قريش،
وهى لهجة النبي (صلى الله عليه وسلم) فكان الناس من قريش وغيرها
متى قرأوا بلهجاتهم التي تختلف من قبيلة إلى أخرى اختلفوا
في بعض كلمات أو حروف فلما علم النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال: (( إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف ))..
وكانت القراءات تختلف باختلاف القراء من كل قبيلة.
وظل الناس يقرأون القرآن حسب لهجاتهم حتى جاء عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان
فجمع القرآن على طريقة واحدة لتكون هي الضابط الأساسي
الذي لا خلاف عليه، فأمر بكتابة مصحف لا خلاف عليه يقرأ بلهجة قريش،
مع الاحتفاظ لكل قبيلة بلهجتها أثناء القراءة فقط واستقر الأمر على القراءات السبع،
وهى لسبعة قراء و هم نافع و يزيد
وابن كثير و أبى عمرو ابن العلاء و يعقوب الحضومى وعاصم و حمزة و خلف و الكسائى.
وفي عام 30 هجرية جمع خليفة المسلمين عثمان بن عفان
القرآن بلغة قريش كما قلنا و أرسل نسخة إلى مصر حتى أصبح لمصر الدور الأكبر
في الحفاظ على تلاوة القرآن، حيث ظهر فيها أعظم قراء القرآن عبر الأجيال،
ويظهر ذلك جلياً في شهر رمضان من كل عام،
حيث تتسابق دول العالم في طلب قراء من مصر لإحياء ليالي شهر رمضان هناك
وذلك لما لقرائنا من عظيم شأن وانتشار صيت و كبير ثقة،
لأنهم يحرصون على حفظ كتاب الله و المحافظة عليه.
ولهذا أصبحت مصر رائدة العالم كله في هذا المجال العظيم لا ينافسها فيه أحد،
فرحم الله من رحل عنا من أهل القرآن
و حفظ لنا قراءنا الذين يجوبون أقطار العالم لينشروا القرآن معطرين به الأجواء كلها،
بأصوات جميله قدرات فائقة.. {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف:64] .
المصدر: موقع الشيخ محمد جبريل